recent
أخبار ساخنة

المبادئ الفيزيائية للاستشعار عن بُعد

ادمن
الصفحة الرئيسية
سعى الإنسان إلى تطوير قدراته الاستكشافية والاستشعارية، وانطلق من استخدام الحواس الطبيعية إلى استخدام الأدوات والتقنيات الحديثة، التي تمكنه من الحصول على معلومات دقيقة عن الكرة الأرضية، وظواهرها الطبيعية وصولاً إلى ما بات يعرف اليوم بعلم الاستشعار عن بعد، فما المقصود بالاستشعار عن بعد؟ وما هي المبادئ الفيزيائية للاستشعار عن بعد؟

ما هو الاستشعار عن بعد؟

الاستشعار عن بعد هو علم الحصول على معلومات حول الأشياء أو المناطق من مسافة بعيدة ، عادة من الطائرات أو الأقمار الصناعية.

الاستشعار عن بعد هو نوع من التكنولوجيا الجغرافية المكانية التي تقوم بأخذ عينات من الإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعث والعكس من النظم الإيكولوجية الأرضية والجوية والمائية للأرض من أجل اكتشاف ومراقبة الخصائص الفيزيائية لمنطقة ما دون إجراء اتصال مادي. تتضمن طريقة جمع البيانات هذه عادةً تقنيات الاستشعار القائمة على الطائرات والأقمار الصناعية ، والتي يتم تصنيفها إما على أنها أجهزة استشعار سلبية أو أجهزة استشعار إيجابية.

تستجيب المستشعرات السلبية للمنبهات الخارجية ، وتجمع الإشعاع المنعكس أو المنبعث من جسم ما أو الفضاء المحيط به. المصدر الأكثر شيوعًا للإشعاع الذي يتم قياسه بواسطة الاستشعار السلبي عن بعد هو ضوء الشمس المنعكس.

تشمل الأمثلة الشائعة لأجهزة الاستشعار عن بُعد الأجهزة المقترنة بالشحن والتصوير الفوتوغرافي للأفلام ومقاييس الإشعاع والأشعة تحت الحمراء.

مصدر بيانات الاستشعار عن بعد هو الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي تنبعث من الجسم أو تنعكس عليه ، مما يساعد في تحديدها وتصنيفها.

المبادئ الفيزيائية للاستشعار عن بعد


تعتمد عملية الاستشعار عن بعد بشكل أساسي على الإشعاعات الكهرومغناطيسية، وحتى نستطيع فهم موضوع الاستشعار عن بعد، لا بد من التعرف إلى ماهية الطيف الكهرومغناطيسي، واهم عمليات التفاعل بين الإشعاع الكهرومغناطيسي والغلاف الجوي، كالتشتت والامتصاص، وكذلك عمليات التفاعل بينه وبين الهدف كالانعكاس، والنفاذية، والامتصاص.


الطيف الكهرومغناطيسيّ

تعد الشمس المصدر الرئيسي للإشعاع الكهرومغناطيسيّ، ولكنّها ليست الوحيدة، فجميع الأجسام تشع طاقة كهرومغناطيسية.

الطيف الكهرومغناطيسيّ: أنواع من الإشعاعات التي تتكون من مجالين، كهربائي ومغناطيسي متعامدين على بعضهما البعض، وتختلف هذه الإشعاعات عن بعضها في الطول الموجي، والتردد، وجميعها تنتشر بسرعة الضوء ٣٠٠٠٠٠ كم/ث في الفراغ.


طيف الامواج الكهرومغناطيسيّة
طيف الأمواج الكهرومغناطيسيّة

ويلاحظ من الشكل السابق أن القسم المرئي من الطيف يشغل حيّزاً ضيًقاً منه، ويشتمل على ألوان الطيف السبعة، من البنفسجي إلى الأحمر، ويقع الطول الموجي لهذا القسم في المدى ( 0.4-0.7) ميكرو متر تقريباً، أما الأشعة فوق البنفسجية فتحتلّ المجال الأقصر (أقل من 0.4 ميكرومتر)، في حين تحتل الأشعة تحت الحمراء المجال الأطول (أعلى من 0.7 ميكرومتر)، وتحتلّ الموجات الميكروية في
الطيف المجال من 1مم إلى 1م.

ولكل إشعاع كهرومغناطيسي ثلاث خصائص مرتبطة ببعضها البعض تميّزه من غيره، وهي طول الموجة، والتردّد، والطاقة، وتتناسب طاقة الإشعاع تناسباً طردياً مع تردده، وعكسياً مع طول الموجة، أيّ كلما قلّ طول الموجة زاد التردد، وزادت طاقة الإشعاع، ولهذا الأمر أهميّة خاصة في الاستشعار عن بُعد؛ إذ انّ الإشعاعات المنبعثة انبعاثاً طبيعياً، وأطوال موجاتها كبيرة، مثل الأشعة الميكرويّة الصادرة عن الظواهر الطبيعية الأرضية، يكون استشعارها أكثر صعوبة من الاستشعار في حال الظواهر
التي تنبعث منها إشعاعات أطوال موجاتها أقصر؛ لأن ترددها وطاقتها أكبر.


صورة مسح حراري لمياه البحار والمحيطات
 صورة مسح حراري لمياه البحار والمحيطات

إن متوسط درجة حرارة الأرض المحيطة (أي درجة حرارة سطح التربة، أو الماء، أو النبات) هو في حدود27 درجة مئوية، ويصدر عنها الأشعة تحت الحمراء الحرارية، وهي أشعة غير مرئية يُمكن استشعارها بمستشعرات خاصة، مثل الماسحات الحرارية ( Scanners).


تفاعلات الأشعة الكهرومغناطيسيّة


أولا: تفاعل الأشعة الكهرومغناطيسيّة مع الغلاف الجوي
أثناء انتقال الأشعة الكهرومغناطيسية من الشمس إلى الأرض تمر بالغـلاف الجوي، وتحدث فيه عمليات مختلفة، تؤثر في طبيعة الطيف الكهرومغناطيسيّ الذي تستقبله أجهزة الاستشعار عن بُعد، كما في الشكل التالي


تفاعل الأشعة مع الغلاف الجوي
تفاعل الأشعة مع الغلاف الجوي

 ومن أهم هذه العمليات: الامتصاص والتشتت.


الامتصاص
حيث تقوم مكونات الغلاف الجوي بامتصاص جزء من الأشعة ذات الأطوال الموجية المختلفة، ويُعدّ الأوزون، وثاني أكسيد الكربون، وبخار الماء من أكثر عوامل امتصاص الأشعة القادمة من الفضاء الخارجي، وخاصة الأشعة فـوق البنفسجية التي تعدّ ضارة للكائنات الحية.


التشتت
وتحدث هذه العملية نتيجة اصطدام الأشعة بجزيئات الغلاف الجوي، وتعتمد على كل من الطول الموجي للإشعاع، وعلى قطر الجزيئات.
إن الغازات في الغلاف الجوي لا تمتص جميع الأطوال الموجية في الطيف الكهرومغناطيسي، بل أجزاء محددة منه، حيث تستخدم تلك الأجزاء من الطيف التي لا تتأثر بالغلاف الجوي في عمليات الاستشعار عن بعد، ويطلق عليها اسم النوافذ الجوية، ومن هذه النوافذ:
  • مجال الإشعاع المرئي الذي يكون فيه امتصاص الغلاف الجوي قلي جدا، ويمكن إهماله.
  • الانبعاثات الحرارية الناتجة عن سطح الأرض في مجال الأشعة تحت الحمراء.
  • الموجات الميكروية، وموجات الرادار ذات الأطوال الموجية 1 مم إلى 1 م.
وفي أنظمة الاستشعار عن بُعد تؤخذ العلاقة بين مصادر الطاقة الكهرومغناطيسيّة والنوافـذ الجويّة بعين الاعتبار؛ لأنها مرتبطة بشكل وثيقٍ مع حساسية المستشعرات المستخدمة، وقدرتها على كشف الطاقة الكهرومغناطيسية، وتسجيلها.

ثانيا: تفاعل الأشعة الكهرومغناطيسية مع الأهداف على سطح الأرض

تخترق الأشعة الغلاف الجوي لتصل إلى سطح الأرض، وتسقط على الأجسام التي تعرف بالأهداف، وتحدث لها ثلاث تفاعلات أساسية مع الهدف، وهي:
 
الامتصاص
 تعتمد عملية الامتصاص على الطول الموجي للأشعة الساقطة، وعلى الطبيعة الفيزيائية للهدف، فعلى سبيل المثال الألوان القاتمة تمتص الإشعاع أكثر من الألوان الفاتحة، وكذلك السطوح الخشنة تمتص الإشعاع أكثر من السطوح الملساء.
 
النفاذية
 يخترق الإشعاع الكهرومغناطيسي بعض المواد مثل المياه، والمواد الشفافة والرقيقة، وتتناقص قيمة الاختراق مع سمك الجسم.

الانعكاس
 وهي العملية الأهم في عملية الاستشعار عن بُعد، حيث إنّ لكل هدف خاصيّة انعكاسٍ مميّزة له عن الأهداف الأخرى، وهذا الاختلاف في خاصية الانعكاس هو المهم في تطبيقات الاستشعار عن بُعد، ويعتمد على الطبيعة الفيزيائيّة والكيميائيّة للهدف، وطول موجة الإشعاع، وزاوية سقوط الأشعة.

وتتغير قيمة الطاقة المنعكسة، أو النافذة، أو الممتصة بتغير الأهداف (نبات، تربة، ماء، ...الخ).
google-playkhamsatmostaqltradent